فصل: مسير سيف الإسلام طغركين بن أيوب إلى اليمن واليا عليها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير صلاح الدين إلى بلاد ابن اليون.

كان قليج بن اليون من ملوك الارض صاحب الدروب المجاورة لحلب وكان نور الدين محمود قد استخدمه وأقطع له في الشام وكان يعسكر معه وكان يعسكر معه وكان جرئيا على صاحب القسطنطينية وملك وادقة والمصيصة وطرسوس من يد الروم وكانت بينهما من أجل ذلك حروب ولما توفي نور الدين وانتقضت دولته أقام ابن اليون في بلاده وكان التركمان يحتاجون إلى رعي مواشيهم بأرضه على حصانتها وصعوبة مضايقها وكان يأذن لهم فيدخلونها وغدر بهم في بعض السنين واستباحهم واستاق مواشيهم وبلغ الخبر إلى صلاح الدين منصرفه من رعيان فقصد بلده ونزل النهر الأسود وبث الغارات في بلادهم واكتسحها وكان لابن اليون حصن وفيه ذخيرته فخشى عليه فقصد تخريبه وسابقه إليه صلاح الدين فغنم ما فيه وبعث إليه ابن اليون برد ما أخذ من التركمان واطلاق أسراهم على الصلح والرجوع عنه فأجابه إلى ذلك وعاد عنه في منتصف سنة خمس وسبعين والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده.

.غزوة صلاح الدين إلى الكرك.

كان البرنس ارناط صاحب الكرك من مردة الإفرنج وشياطينهم وهو الذي اختط مدينة الكرك وقلعتها ولم تكن هنالك واعتزم على غزو المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وسمع عز الدين فرخشاه بذلك وهو بدمشق فجمع وسار إلى الكرك سنة سبعين واكتسح نواحيه وأقام ليشغله عن ذلك الغرض حتى انقطع أمله وعاد إلى الكرك فعاد فرخشاه إلى دمشق والله تعالى أعلم بغيبه.

.مسير سيف الإسلام طغركين بن أيوب إلى اليمن واليا عليها.

قد كان تقدم لنا فتح شمس الدولة توران شاه لليمن واستيلاؤه عليه سنة ثمان وستين وأنه ولى على زبيد مبارك بن كامل بن منقذ من أمراء شيزر وعلى عدن عز الدولة عثمان الزنجيلي واختط مدينة تعز في بلاد اليمن واتخذها كرسيا لملكه ثم عاد إلى أخيه سنة اثنتين وسبعين وأدركه منصرفا من حصار حلب فولاه على دمشق وسار إلى مصر ثم ولاه أخوه صلاح الدين بعد ذلك مدينة الاسكندرية وأقطعه إياها مضافة إلى أعمال اليمن وكانت الأموال تحمل إليه من زبيد وعدن وسائر ولايات اليمن ومع ذلك فكان عليه دين قريب من مائتي ألف دينار مصرية وتوفي سنة ست وسبعن فقضاها عنه صلاح الدين ولما بلغه خبر وفاته سار إلى مصر واستخلف على دمشق عز الدين فرخشاه ابن شاهنشاه وكان سيف الدين مبارك بن كامل بن منقذ الكناني نائبه بزبيد قد تغلب في ولايته وتحكم في الأموال فنزع إلى وطنه واستأذن شمس الدولة قبل موته فأذن له في المجيء واستأذن أخاه عطاف بن زبيد وأقام مع شمس الدولة حتى إذا مات بقي في خدمة صلاح الدين وكان محشدا فسعى فيه عنده أنه احتجر أموال اليمن ولم يعرض له فتحيل اعداؤه عليه وكان ينزل بالعدوية قرب مصر فصنع في بعض الأيام صنيعا دعى إليه أعيان الدولة واختلف مواليه وخدامه إلى مصر في شراء حاجتهم فتحيلوا لصلاح الدين إنه هارب إلى اليمن فتمت حيلتهم فقبض عليه ثم ضاق عليه الحال وصابره على ثمانين ألف دينار مصرية سوى ما أعطى لأهل الدولة فأطلقه وأعاده إلى منزلته فلما بلغ شمس الدين إلى اليمن اختلف نوابه بها خطان بن منقذ وعثمان بن الزنجبيلي وخشي صلاح الدين أن تخرج اليمن عن طاعته فجهز جماعة من امرائه إلى اليمن مع صارم الدين قطلغ أبيه والي مصر من أمرائه فساروا لذلك سنة سبع وسبعين واستولى قطلغ أبيه على زبيد من حطان بن منقذ ثم مات قريبا فعاد حطان إلى زبيد وأطاعه الناس وقوي على عثمان الزنجبيلي فكتب عثمان إلى صلاح الدين أن يبعث بعض قرابته فجهز صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغركين فسار إلى اليمن وخرج حطان بن منقذ من زبيد وتحصن في بعض القلاع ونزل سيف الإسلام زبيد وبعث إلى حطان بالامان فنزل إليه وأولاه الاحسان ثم طلب اللحاق بالشام فمنعه ثم الح عليه فأذن له حتى إذا خرج واحنمل رواحله وجاء ليودعه قبض عليه واستولى على ما معه ثم حبسه في بعض القلاع فكان آخر العهد به ويقال كان فيما أخذه سبعون حملا من الذهب ولما سمع عثمان الزنجبيلي خبر حطان خشي على نفسه وحمل أمواله في البحر ولحق بالشام وبقيت مراكبه مراكب لسيف الإسلام فاستولى عليها ولم يخلص إلا بما كان معه في طريقه وصفا اليمن لسيف الإسلام والله تعالى أعلم.